شهران بعد الإقصاء·· بردت العاصفة، وانطفأ الغضب·· لكن ومع ذلك لازال الشارع المغربي يغلي ويغلي بحرقة أعصاب فريق وطني بدون مدرب·· بعد الإقصاء، يدخل الفريق الوطني بنصف أسماءه السابقة محطة ودية أكيد سيتفنن فيها بذات القوة والحماس التي تفاعل بها أمام فرنسا والسينغال، وسيدخل بمدرب مؤقت ليحترم واجبه الوطني بمتغيرات جديدة وفي غياب أبرز المحترفين باستثناء ربح وصفة الإنسجام مع الأولمبيين والمحليين·· كيف نقرأ المواجهة؟وما هي تداعياتها الخاصة··؟
ما بعد غانا
هي قراءة إقصاء أفرز الكثير من السلبيات لدى الناخب الفرنسي الأسبق في تقديم فريق وطني قوي في المنافسات غاب في منطلقاته الأدائية والإختيارية والروحية على غير الرعونة التي أحدثها في اللقاءات الودية التي سبقت الحدث القاري·· إقصاء لا يمكن أن يبرر على خلفيات ندوة صحفية خارج النص الأدبي وأقالت هنري ميشيل، بل لفشل الرجل في تدبير الفريق الوطني في توجهاته التنظيمية كما قلت·· وكان لابد أن تجنح الجامعة وتخفي تدبيرها لمراحل النهائيات على رأس إقالة المدرب من أجل إسكات الكل عن فشلها البارز لما لا يقل عن 14 سنة من الكوارث باستثناء معجزة صنعها مدرب مغربي بتونس بقيمة الزاكي·· بل وطاردت عجزها بالدخول في خانة اختيار الوجه الآخر ما بين الأجنبي والمغربي في إطار طرح معايير جديدة لا يرجى منها خيرا في خضم ما افتعل في الآونة الأخيرة من ترويج غير مبرر لوجوه مغربية للإشراف على الفريق الوطني، ودون أن يسدل الستار على هذا الموضوع لربح مزيد الوقت لخلفيات لا نعلمها مطلقا حتى ولو كانت الأخبار تتسرب بالإشاعة المطلقة ولا تصمد إلى الحقيقة بداعي تأجيل اجتماع الجامعة إلى وقت لاحق··
إلى هنا كان لقاء المغرب وبلجيكا يقترب بذات تأخير الناخب القادم لأسباب مجهولة ودون أن يعلن عنه لجعل المباراة منطلقا حقيقيا لتجديد صورة الأسود برؤية أخرى واختيار آخر وروح أخرى دون أن تعرف الجامعة أن الجالية المغربية ببلجيكا لا تعطي للمباراة قيمتها أمام خيبة الأمل بغانا، وساخطة على الوضع الكروي برمته·· وأمام هذا التأخير المتجاوز في الإعلان عن الناخب الجديد (مغربي حسب إجماع الجامعة)، كان لابد أن يضع تصور اختياري لأسود الأطلس من لدن فتحي جمال كمدرب مؤقت كما جاء على لسان أوزال بعد إقالة هنري ميشيل، إذ لا يمكن أن تخرج اللائحة الجديدة من اختيار لجنة الجامعة مطلقا لأنه موضوع من اختيار الرجل التقني وليس الإداري·· وفتحي جمال هو من اختار اللائحة لفرضيات الأسماء الخبيرة والأولمبية والمحلية التي يعرفها الرجل كليا··
ما بعد غانا إذن يضعنا جميعا أمام منحى غامض ضد بلجيكا في لقاء ودي استعراضي لا يفيدنا ولا يفيد بلجيكا لأنها مقصاة من كأس أوروبا، ويضعنا في موقع اللائحة أمام ضوابط اختيارية أبعدت أحد عشر لاعبا من كأس افريقيا، واحتفظت فقط بمن شاركوا كأساسيين (12 لاعبا) فقط ربما بدعوة الجامعة والإلحاح على فتحي جمال بمعيرة الإختيارات في ثلاثة محاور محلية وأولمبية وإحترافية، وهو ما حضر على واقع المدعويين في اللائحة··
الخوف من اللحظة
ربما يعرف فتحي جمال اليوم أنه يكرر ذات الصورة المؤقتة كناخب عندما أشرف على لقاء سابق أمام سويسرا، لكن حضوره المعنوي هو لتأدية الواجب كما قلت في حديث سابق، وحضور من أجل تفعيل دوره الآخر كرجل استراتيجي في محاور المدير التقني، والمدرب الأولمبي والمدرب المؤقت للكبار، وربما دور الرجل المطروح في خانتين من المعادلات، معادلة أن يتوفق أمام بلجيكا باختياراته، ومعادلة أن يفشل في ذلك في منظور الجامعة، وربما تكون المعادلتين معا بدون خلفيات أساسا والله أعلم فيما تفكر فيه الجامعة·· وهنا يعرف فتحي جمال أن الواجب المؤقت قد تكون له ميزة خاصة إن هو توفق في اختياراته المختلطة، وتوفق في النهج، وتوفق في قراءة الخصم البلجيكي، وتوفق في خلق الروح الوطنية·· أما وإن فشلت الرؤيا فأكيد أن الجامعة ستقرأ كل شيء بين ما هو موجب وما هو سالب··
قراة الإختيار والنهج
ما أعرفه أن فتحي جمال قد لا يلعب بأربعة وعشرين لاعبا في لقاء واحد أمام بلجيكا، وربما قد يدور في فلك 18 أو عشرين لاعبا من الذين اختارهم في الواجهة·· ولكن الأهم هو أن خليط الاختيار يأتي فقط من أجل ضخ العلاقة الجديدة بين رجال الخبرة والرجال الجدد الذين يطأون رجلهم بالفريق الوطني لأول مرة في سابقة لم تحدث بهذه الرجة الكبيرة من التغييرات المفاجئة·· خليط قد يميل إليه فتحي جمال حسب تصورات المواجهة في شوطها الأول بإقحام الأساسيين بغانا، قبل أن يرش بملح الجدد في الشوط الثاني، أي أن فتحي جمال قد يعتمد 4/4/2 مجزأة بوصفة 4/2/2/2 أو 4/3/3 مجزأة بـ 4/2/1/3، أو بشاكلة 3/5/2··· ووجوهها المعروفة تنبني على الشكل التالي نادر لمياغري كحارس، بصير يمينا، والقدروي يسارا ووادو والرباطي في متوسط الدفاع، أما الوسط فيشكل بوجهين للإرتداد في سفري وخرجة، على أن يكون طارق وبوصوفة في الوسط الهجومي، مع وضع الشماخ وحجي هجوما كمعادلة تدخل في صنف 4/4/2··· أما شاكلة 4/3/3 فلن تخرج عن رباعي الدفاع المذكور مع وضع وسط الإرتداء (سفري وخرجة) مدعما بطارق السكيتوي وثلاثي هجومي مبني على حجي يمينا وأبوشروان يسارا والشماخ كرأس حربة، وربما قد يميل إلى شاكلة 3/5/2 أي بوضع ثلاثي هلالي مشكل من أمين الرباطي ومراد عيني (للتجريب) وعبد السلام وادو، وإعطاء الفاعلية للممرات لبصير يمينا وأبوشروان يسارا، ووسط ارتداد (سفري وخرجة) ورجل وسط هجومي واحد (طارق أو بوصوفة)، ثم حجي والشماخ (أو العلودي) هجوميا·· وتبقى هذه المعادلات الخططية اجتهادية فقط كبداية خلال الجولة الأولى، قبل أن يطرح فتحي جمال بدائل جوهرية للأولمبيين والمحليين لمنحهم الثقة الأولى والخبرة الجديدة·· وما قد يفرضه الرجل في البدائل إعطاء الفرصة لكريم فكروش في الحراسة أو إقحامه كحارس رسمي، ثم لصلاح الدين السباعي كظهير أيسر، ولرجال الوسط عصام الراقي والمنقاري والحمداني وهرماش، وللهجوم لبنجلون خلف للشماخ ونبيل درار خلفا لأبوشروان، ونبيل الزهر خلفا لحجي أوالعلودي·· وهي إشارات مطروحة على الواقع للوصول إلى درجة الثقة في الوجوه الجديدة رغم أن الغيابات الوازنة لنجوم بارزة لها دورها الأساسي في عملية الإختيار لبناء فريق وطني بقاعدة واسعة على النقيض من الفوضى التي عاشها بغانا·
